لأشك بأن الشباب هم عماد أي أمة كانت من الأمم ,، وسر نهضتها وبناة حضارتها ، وحماة الأوطان والذين يذودون عن حياضها ، وذلك لأن مرحلة الشباب هي مرحلة الحيويه والنشاط والطاقة والعطاء المتدفق فبما يتمتعون به من قوة عقلية وبدنية ونفسية كبيرة يحملون لواء الدفاع عن الوطن وقت الحرب ويسعون في البناء والتنمية في أثناء السلم وذلك لمقدرتهم على التكيف مع مستجدات الأمور ومستحدثات الخطوب في مختلف المجالات العلمية والسياسية والاجتماعية، فالمرونة مع الإرادة القوية والعزيمة الصلبة والمثابرة من أبرز خصائص مرحلة الشباب، لذلك وصف الله سبحانه وتعالى هذه المرحلة المتوسطة بالقوة بعد الضعف وقبله، قال سبحانه وتعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً) [الروم:54] ومما يدل على كون هذه المرحلة هي أفضل مراحل العمر، هو أن الله سبحانه وتعالى عندما يجازي الناس يوم القيامة، يجعل أهل الجنة شباباً لا يهرمون أبداً
وعلى سبيل المثال نجد أن القرآن الكريم يحدثنا عن الشباب بأنهم هم الذين اتبعوا الرسل وصدقوهم وآمنوا بهم، فهؤلاء أتباع موسى (عليه السلام) يصفهم ربهم بقوله: {فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين}[7].
كما أن القرآن الكريم قد أثنى على فئة من الشباب الذين آمنوا بالله سبحانه وتعالى وكافأهم على ذلك بزيادة الهدى حين قال سبحانه وتعالى {إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى}
كما نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب فئة الشباب ويوصيهم بوصية عظيمة بقوله: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))[10]. ففي هذا التوجيه النبوي صيانة للشباب من فساد السلوك والوقوع في الإثم
وفي هذا الإطار نفسه نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفق على الشاب في جميع الأحوال ومنهم الشاب عبدالله بن عمرو بن العاص عندما أخذه حماس الشباب في قرائة القرآن كاملاً كل ليلة، فلما علم بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال له مشفقاً عليه: ((إني أخشى أن يطول عليك الزمان وأن تمل فاقرأه في شهر فقلت دعني أستمتع من قوتي وشبابي قال فاقرأه في عشرة قلت دعني أستمتع من قوتي وشبابي قال فاقرأه في سبع قلت دعني أستمتع من قوتي وشبابي فأبى))[18].
لذلك اعتنى الإسلام بالشباب عناية فائقة ووجههم توجيها سديدا نحو البناء والنماء والخير، واهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بالشباب اهتماما كبيرا، فقد كانوا الفئة الأكثر التي وقفت بجانبه في بداية الدعوة فأيدوه ونصروه ونشروا دعوة الإسلام وتحملوا في سبيل ذلك المشاق والأهوال.
فالرسول صلى الله عليه وسلم بنظرته الفاحصة وحكمته البالغة وضع الشباب منذ اللحظة الأولى في موضعهم اللائق بهم ليكونوا العامل الرئيسي في بناء كيان الإسلام وتبليغ دعوته ونشر نوره في بقاع العالم, فعمل عليه الصلاة والسلام على تهذيب أخلاقهم وشحذ هممهم وتوجيه طاقاتهم وإعدادهم لتحمل المسئولية في قيادة الأمة, كما حفزهم على العمل والعبادة, فقال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وعد منهم شاب نشأ في عبادة الله» (البخاري 1/234).
وفي الوقت ذاته حث الرسول صلى الله عليه وسلم الشباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة, أقوياء في البنيان, أقوياء في العمل, فقال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير» (صحيح مسلم 4/2052), غير أنه نوه إلى أن القوة ليست بقوة البنيان فقط, ولكنها قوة امتلاك النفس والتحكم في طبائعها, فقال: «ليس الشديد بالصرعة, إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (البخاري 5/2267).
وبهذا عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على إعداد الشباب وبناء شخصيتهم القوية, ليكون الشباب مهيأ لحمل الرسالة, وأقدر على تحمل المسئولية, وأكثر التزاما بمبادئ الإسلام ..